استخدام تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي مفيد لكنه غير قادر على قراءة ما يدور في عقل إنسان من خلال المسح
يعد علم الأعصاب من المجالات الطبية التي تشهد نموا سريع وتحظى بشعبية لدى الناس
لكن على الرغم مما يشهده هذا المجال من تقدم، فإنه عندما "يتحقق فتح علمي" بخصوص منطقة معينة في الدماغ لا يكشف لنا الكثير مما نريد معرفته حول الآلية الداخلية التي يعمل وفقها العقل.
وقد رأى الكثير منا صورا للدماغ وقرأ القصص عنه، حيث ثمة صورة جميلة للدماغ، تسلط الضوء على منطقة منه جرى التوصل إلى أنها مصدر لبعض العمليات والمشاعر مثل الخوف أو الاشمئزاز، أو حتى الاضطرابات في القدرة على الانخراط في علاقات اجتماعية.
وهناك الكثير من القصص التي قد تقودنا إلى الظن بأنه جرى الكشف عن مساحات من الغموض الذي يحيط بالدماغ، وذلك أكثر مما عليه الواقع بالفعل.
ومع أن هذه التكنولوجيا مذهلة، فإن "تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي"، وهي واحدة من أشهر طرق المسح التحليلي بالأشعة، لا تقيس في الواقع سوى التغيرات الموضعية لتدفق الدم إلى مناطق في الدماغ، ولا تصور الأعصاب بشكل مباشر.
ويستخدم الباحثون تلك التكنولوجيا إذا ما أرادوا معرفة جزء من الدماغ يقوم بمهمة معينة، ويمكنهم من خلالها وضع شخص تحت جهاز مسح الدماغ، ومشاهدة المنطقة التي تكون نشطة.
إضاءة الدماغ
استطاع العلماء تحديد ورسم وجوه من خلال مسح الدماغ والتعرف على الأفكار النشطة فيه
وعندما تضيء مناطق بعينها في الدماغ أثناء عملية المسح تلك، فإنها تشير حينذاك إلى أنها هي المسؤولة عن أداء تلك المهمة.
إلا صور النتائج وفكرة "إضاءة الدماغ" نفسها يمكن أن تؤدي إلى ما هو أبعد من التفسير.
وتوضح مولي كروكيت، المتخصصة في علم الأعصاب بكلية لندن الجامعية، أنه في الوقت الذي يعد فيه استخدام تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي مفيدا جدا، فإن الطريق لايزال طويلا لنكون قادرين على قراءة ما يدور في عقل الإنسان من خلال عملية مسح بالأشعة لدماغه فقط.
وأضافت: "ستكون هناك دراسة قد أنجزت لتخبرنا عما يدور في الدماغ، إلا أن ما يسعى الناس وراءه بالفعل هو حدوث طفرة في فهم العقل.
يتكون دماغ الإنسان من نحو 100 مليار خلية عصبية. تتشابك تلك الخلايا ببعضها البعض مكونة نحو 100 مليون مليون عصبون. تبلغ مقاييس الخلية العصبية نحو 05 و0 مليمتر. وتتجدد الخلايا العصبية بمعدل 300 مليون في الدقيقة الواحدة تستبدل كل منها
خلية عصبية أخرى مستهلكة.
قراءة الأفكار:
قراءة الأفكار والمشاعر المفصلة والمحددة من خلال المسح فقط يبقى دربا من الخيال
ويلقي هذا المثال الضوء على ما يعرفه العديد من علماء الأعصاب، وهو أن منطقة واحدة بالدماغ يمكن أن ترتبط بالعديد من العمليات الإدراكية.
ويمكننا أن ننظر في الأمر بهذه الطريقة، إذ يمكن أن نعتبر الدماغ وكأنه جهاز معالجة ضخم يحوي المليارات من الخلايا العصبية، حيث صدرت احصائية تقول أن يستطيع دماغ الإنسان احتواء معلومات نحو 15000 كتاب كل منها مكون من 1000 صفحة. كل هذه السعة موجودة في الدماغ الذي يصل حجمه في الشخص البالغ نحو 1300 سنتيمتر مكعب (مليلتر).
لذلك بدا من المستحيل أن نقوم بتحليل الخلايا العصبية الفردية لدى البشر.حتى تم فك شيفرة الدماغ .
بدأت فكرة فك تشفير الدماغ قبل عقدٍ مضى حين أدرك علماء الأعصاب أن هناك الكثير من البيانات غير المستغلة من صور المرنان المغناطيسي للنشاط الدماغيّ، والذي يحدّد المناطق النشيطة في الدماغ والتي تضيء كنقاط ملونة في التصوير.
لتحليل نموذج هذا النشاط الدماغي تمّت تجزئة الدماغ إلى مكعبات صغيرة تدعى الفوكسل (مثل البيسكل ولكن ثلاثية الأبعاد). وهو واحدةٌ تستخدم عادةً في التمثيل التصويري ثلاثي الأبعاد.
حين يعمل الدماغ، تتنشط فوكسلات معينة ضمنه بحسب المعطيات التي تحفز الدماغ. على سبيل المثال حين يرى الدماغ وجهاً، تضيء الفوكسلات إضاءةً متباينة وفقاً لنمطٍ معين، وبالنظر إلى ذلك "النمط" الخاص بالفوكسلات المضيئة وقوة إضاءة كلٍّ منها في الدماغ ودراسة ذلك النمط، يمكننا استنتاج أيّ منطقةٍ من الدماغ هي المسؤولة عن معالجة صور الوجوه.
تتوقف محاولات فكّ شيفرة الدماغ عند معرفة ما يفكّر به لحظياً، بل امتدّت إلى تجارب لقراءة الأفكار القديمة والمستقبلية، أو بكلماتٍ أكثر دقة: الذكريات، والنوايا !.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق